بل إن البديهي يشكل الموضوع الأثير والمفضل للفكر
الفلسفي. ويمكن القول أن الفيلسوف يصادف إشكالية الوحدة المزعومة للهوية
الشخصية في معرض بحثه في الماهيات والجواهر. يتساءل الفيلسوف: إذا كان لكل
شيء ماهية تخصه، بها يتميز عن غيره، فهل هناك ماهية تخص الفرد، بها يتميز
عن غيره بشكل مطلق؟ خصوصا إذا علمنا أنه ما من صفة فيه، جسمية او نفسية،
إلا ويشاطره التخلق بها عدد قليل أو كثير من الأفراد؛ وإذا عرضنا الشخص على
محك الزمن والتاريخ، فهل هناك جوهر يظل ثابتا رغم تغيرات الجسم وأحوال
النفس وانفعالاتها؟ وهل هذا الجوهر كيان ميتافيزيقي مكتمل التكوين منذ
البدأ، أم أنها سيرورة سيكلوجية تجد سندها المادي في الذاكرة، وعملية
تطورية تنشأ تدريجيا بفضل تفاعل الفرد مع الغير؟.